البلوكتشين هي سجلٌّ موزّعٌ غير قابل للتلاعب به يُستخدم في تخزين سجلات تحويلاتٍ رقميةٍ والتحقق منها وتقوم حالياً بإحداث ثورة في عالم سلاسل التوريد من خلال تعزيز الأمن والشفافية والكفاءة. ويمكن للبلوكتشين أن تحسّن سلاسل التوريد من خلال تسريع تسليم المنتجات وتقليل الكلفة إلى جانب زيادة قابلية تتبعها والسماح للشركاء بالتعاون ومشاركة المعلومات بشكلٍ أكثرَ فعاليةً وتحسين الوصول إلى التمويل، وسنذكر في هذه المقالة 7 استخداماتٍ للبلوكتشين في سلسلة التوريد.
تحسين التتبع والشفافية
من خلال استخدام تقنية البلوكتشين مع أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) مثل الحسّاسات الذكية ومعرّفات الراديو “RFID tags” يمكن للشركات -بشكلٍ أكثرَ فعاليةً- تسجيل حركة البضائع عبر المراحل المختلفة من سلسلة التوريد وتوثيق حالة هذه المنتجات (الحرارة والرطوبة وغير ذلك) في كلِّ مرحلةٍ منها، وبما أن تحويلات البيانات تحدث باستمرارٍ وتحمل ختماً زمنياً، يُمكن للشركات الاستعلام عن حالة المنتجات ومعرفة موقعها في أيِّ وقت.
وتوفر البلوكتشين صورةً أكثر دقّةً وشفافيةً لعملية التتبع ممّا يساعد الشركات على كشف المشاكل المحتملة وحلّها بشكلٍ أسرع مثل عدم الالتزام بالقوانين وتزوير البضائع والتأخير والهدر، كما يمكن للشركات أن تُشارك هذه البيانات مع الزبائن لإثبات أصالة المنتجات وضمان مشاركتهم في سلاسل التوريد الأخلاقية.
وتقوم البلوكتشين أيضاً ببناء الثقة بين الشركاء في سلاسل التوريد بفضل توفير وصولٍ مفتوح إلى المعلومات المهمّة التي تعرضها.
تحسين قابلية التتبع
قابلية التتبع هي إحدى ميّزات استخدام البلوكتشين في قطاع سلاسل التوريد حيث تُمكّن هذه القدرة من تحديد الموقع الحاليّ والسابق للبضائع إلى جانب توفير سجلّ الوصاية عليها خلال انتقالها من موادَّ خام إلى البائعين وإلى الزبائن بعد ذلك؛ ويمكن لشركاء سلسلة التوريد استخدام البلوكتشين لتتبع الأنشطة ضمن السلسلة بكفاءة، كما يتم تسجيل عمليات التحويل بشكلٍ مباشر إذ تشمل البلوكتشين سجلّاتٍ لامركزيةً مفتوحة المصدر توثق البيانات ويمكن نسخها وتداولها بين المستخدمين جميعاً، ويستطيع المساهمون الوصول إلى معلوماتٍ بخصوص المنتجات (التواريخ – الأسعار – الأصل – الجودة – الترخيص – الوجهة – وغير ذلك) باستخدام البلوكتشين.
الحدّ من التزوير
يُعدُّ تحديد المصدر من أهم عناصر التحقق من جودة المنتجات وموثوقيتها، وبما أن البلوكتشين تسمح للشركاء بتتبع البضائع عبر سلاسل التوريد يمكن تحديد أصل هذه المنتجات بدقةٍ وبالتالي الحدّ من تزوير البضائع بفضل القدرة على التحقق السريع من مصادرها.
حلّ مشاكل أمان الأغذية
هناك العديد من المشاكل المتعلقة بأمان الأغذية مثل انتشار الأمراض المنقولة بالغذاء والتلوّث المتبادل والتي يصعب تتبّعها بشكلٍ فرديّ، ولا يوجد قدرٌ كافٍ من البيانات والوضوح في سلاسل التوريد التقليدية ممّا يعيق التصرّف السريع للشركات في حال حدوثِ مشكلةٍ ما، ويمكن أن يؤثر هذا على سمعتها ومصداقيتها في نهاية المطاف. وتُعتبر البلوكتشين أداةً ملائمةً لحلّ هذه المشكلة بفضل كفاءتها وفعاليتها حيث تسمح بتتبع أصل المادة الغذائية وبالتالي تُساعد القطاع بأكمله على رفع جودة المنتجات الغذائية.
تشجيع المصادر المستدامة والأخلاقية
يرتفع الطلب على استخدام البلوكتشين في سلاسل التوريد بسبب رغبة الزبائن بتتبع أصول المنتجات ومعرفة مدى أخلاقية صناعتها، ويمكن للبلوكتشين المساعدة في تطمين الزبائن حول قيام الشركات بتوريد المواد والمنتجات بشكلٍ أخلاقيٍّ، حيث يمكن التعرّف على أصلها وتقديم هذه المعلومات للزبائن ليحدّدوا رغبتهم بشرائها أم لا؛ كما توفر ميزاتُ قابلية التتبع ومنع التلاعب طريقةً شفافةً للمستهلكين كي يتحققوا من طريقة تصنيع المنتجات وشحنها ضمن سلاسل التوريد.
تحسين كفاءة عمليات الدفع
تستغرق عملية تسديد الفواتير عادةً أسابيعَ وأشهراً ولكن يمكن حالياً السداد بشكلٍ فوريٍّ بفضل العقود الذكية القائمة على البلوكتشين، كما يمكن للبنية التحتية الموزَّعة للبلوكتشين المساعدة بتأسيس نظام دفعٍ شفّافٍ يمكّن جميع الأطراف في أيّ سلسلة توريد من الاطلاع على عمليات التحويل ممّا يحدّ من الأخطاء البشرية والتزوير، وإضافةً إلى ذلك يستطيع الشركاء في سلسلة توريدٍ ما استخدام العملات الرقمية المبنية على البلوكتشين للدفع دون الحاجة للجوء إلى المصارف، ويوفر ذلك أموال الرسوم ويسرّع من عمليات الدفع.
تحسين التواصل والتعاون
تكثر المشاكل حالياً في التواصل بين الشركاء ضمن سلاسل التوريد المختلفة بما يخص الفواتير والعقود وطلبات المنتجات وغيرها من الأسباب التي يمكن أن تكون سبباً للخلافات والتأخير، إلا أن توظيف البلوكتشين في قطاع سلسلة التوريد يمكن أن يحسّن التواصل والتعاون بين المعنيين. فعلى سبيل المثال، يُمكِن من خلال مشاركة قواعد البيانات بين الشركاء إزالة الحاجة إلى وسيطٍ لتأكيد وتوثيق وتنسيق عمليات التحويل، إضافةً إلى ذلك تشجّع العقود الذكية جميع المعنيين على إتمام التزاماتهم المتفق عليها في الوقت المناسب.
مستقبل تقنية البلوكتشين في قطاع سلاسل التوريد
يمكن لتطبيقات البلوكتشين أن تعالج بعض المشاكل في سلاسل التوريد التقليدية مثل إلغاء الحاجة للوثائق الورقية إلى جانب وجود سجلٍّ لامركزيٍّ غير قابلٍ للتلاعب بهدف تسجيل جميع تحويلات البيانات ممّا يمكّن الشركاء من تتبع البضائع من مصدرها حتى وجهةِ توصيلها ويخلق سلسلة توريد أكثرَ شفافيةً، ولم يتم بعد تبني تقنية البلوكتشين في سلاسل التوريد بشكلٍ واسعٍ بسبب الحاجة لدرجةٍ عاليةٍ من الخبرة والمعرفة للاستفادة منها بشكلٍ مناسب في هذا المجال.
إضافةً إلى ذلك تُعتبر البلوكتشين تقنيةً ناشئةً وتخضع بالتالي لقوانين حكوميةٍ تختلف بين الدول ويمكن أن تؤثر على شبكات التوريد، ومن المرجّح أن تصبح التقنيات المبنية على البلوكتشين أساسَ عمل سلاسل التوريد لتكون بديلاً عن الطرق التقليدية وشبكاتها القديمة، لكنّ هذا النوع من التغيير لن يحدثَ بشكلٍ لحظيٍّ بالطبع.