يوفر التغيّر التدريجي لقيمة الأشياء -سواءَ كانت سهمَ إحدى الشركات أو أحد مؤشرات الأسهم أو منتجاً زراعياً أو سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي (EUR/USD)– أمام المستثمرين إمكانية شراء هذه الأصول وبيعِها وفقاً لقيمتها المتوقعة مستقبلاً بدلاً من سعرها الحالي، وتُسمّى هذه النوعية من المعاملات العقود الآجلة وعقود الخيارات.
تداول العقود الآجلة هو شراء وبيع العقود التي تتضمّن إلزاماً بشراء أو بيع أصلٍ ما عند تاريخٍ وسعر مستقبليٍّ مُحدّدين مسبقاً، وهي عقودٌ موحّدةٌ يتم تداولها في البورصات، وتتيح للمستثمرين التحوّط من المخاطر أو المضاربة على تحركات الأسعار المستقبلية. وهناك العديد من أنواع العقود الآجلة، علماً بأن هذه الأدوات الاستثمارية لا تقتصر غالباً على الأسهم، بل تتوافر أيضاً في أسواق الأسهم والعملات الأجنبية (الفوركس) والسلع الأساسية (كالمواد الخام المتداولة على نطاقٍ واسع، مثل النفط والذهب). لنفترض أن أحد مزارعي فول الصويا المتقاعدين يرى وفقاً لخبرته في هذا المجال أن حصاد هذا العام سيكون ضعيفاً واستنتجَ أن سعر هذه السلعة سيزداد، فقرّر شراء فول الصويا بسعر 15$ للمكيال الواحد لكن فقط في أيلول/سبتمبر، وهو على يقين بأنه سيكون قادراً على بيعه بسعرٍ أعلى، فيمكنه شراء العقود الآجلة التي يجب أن تُحدّد تاريخ التسوية وسعرَ البيع حينها. وعندها، يتوجّب على المزارع تحويل رصيد كافٍ لتغطية “الهامش” -إيداعٌ بنسبةٍ تقارب 5% كبادرةٍ لحسن النية- وعندها يتم توقيع العقد؛ فإذا كانت قيمة المكيال بحلول موعد استحقاقه أقلَّ من 15$ فعليه سداد الفرق، أما إذا كان سعر التداول الفوري للسلعة أعلى من سعر العقد، فسيحقق أرباحاً عند بيعها.
في المقابل، كان بإمكان المزارع أن يراهن على انخفاض سعر فول الصويا باستخدام العقود الآجلة، وعندها ستزداد مكاسبه كلما انخفض سعر السلعة عن 15$ بحلول موعد استحقاق العقد، وتزداد خسائره كلما ارتفع السعرُ حينها. لا تُعَد العقود الآجلة مجرّد لعبةٍ حسابيةٍ ابتكرها محبو المضاربة من المستثمرين، فلنفترض: ففي أيّ من هذه المواقف، ستفضل الحصول على أفضل سعر ممكن. ولكن عملياً، فإن تحديد سعر معقولٍ (يضمن لك كسب ربح مُرضٍ) قبل الوقت المحدّد يُسهّل عليك التخطيط كثيراً ويَحدّ من المخاطر الأخرى. آلية عمل العقود الآجلة للأسهم مشابهةٌ تماماً لعقود فول الصويا، فهي تمثل اتفاقاً لقبول (أو تسليم) عدد معينٍ من الأسهم بقيمةٍ معينةٍ في تاريخ محدّد. مع ذلك، عادةً ما يرتبط مدى إقبال المستثمرين على استخدام عقود الخيارات أو العقود الآجلة بطبيعة كل سوق؛ فكثيراً ما ترتبط العقود الآجلة بسلع أساسيةٍ كالمواد الخام، بينما تجتذب عقود الخيارات الكثيرين من مستثمري أسواق الأسهم، والحقيقة أن هذه تمثل سرديةً مختصرةً لشرح صيغتين قانونيتين للعقود تغطيان معاملاتٍ مُعدّةً للتنفيذ بحلول تاريخ لاحق. فقد يقرر مستثمرٌ ما لديه عقدٌ كهذا تركَهُ ببساطةٍ حتى يحين موعد استحقاقه؛ فإذا ما إذا كان لدى أحمد -مثلاً- عقد خياراتٍ لسلعة فول الصويا -وليس عقداً آجلاً- وانخفض السعر عند موعد استحقاقه لما دون 15$ للمكيال، يمكنه -ببساطةٍ- أن يخرج من الصفقة دون مواجهة تبعاتٍ قانونية، ويُشار إلى موقفٍ كهذا باسم “خارج النقد”، أو “Out of the money (OTM)”. تود مستثمرةٌ طموحةٌ بدء الاستثمار في سوق الأسهم بحذر، واختارت سهماً واعداً متقلباً وترغب بحماية قيمة استثمارها من هذه التقلبات، خاصّةً وأنها لا تُراقب السوق باستمرار، عندها يمكنها استخدام عقود الخيارات؛ فإذا ما كانت ترى أن سعرَ السهم سيرتفع فعلاً، يُمكنها شراء عقد خيارٍ “شرائيّ”. فمثلاً، يمكنها فتح عقد خيار شرائيّ بسعر تنفيذ يبلغ 10.50$، وإذا ما تجاوز سعر السهم هذه القيمة، فيمكنها شراؤه بسعر 10.50$ وبيعُه بسعرٍ أعلى وتحقيق ربح، لكنّها حينها ستضطر إلى دفع علاوةٍ تمنحها حق شراء السهم بسعر التنفيذ المُحدّد مُسبقاً. في المقابل، إذا كانت تمتلك السهمَ لكنّها قلقةٌ من انخفاض مؤقتٍ في قيمته، يُمكنها حينَها فتح عقد خيارٍ “بيعيّ” للتحوّط. فمثلاً، إذا اشترت السهم بسعر 9$، يمكنها فتح عقد خيار بيعي بسعر تنفيذ يبلغ 8$؛ وإذا ما امتدت تراجعات سعر السهم لما دون 8$، يُمكنها أن تحدَّ من خسائرها باستخدام عقد خيار البيع، وعندها ستحتاج لدفع علاوةٍ لفتح عقد خيار البيع هذا كضمانٍ ضدّ استمرار سعر السهم بالتراجع. ويمكن احتساب عائد عقد الخيارات وفقاً للفارق؛ فعندما يكون هناك فرقٌ بين سعر الشراء/البيع وسعر تنفيذ خيار الشراء/البيع، يمكن للمستثمر بيع العقد وكسب الأرباح؛ ولكن عندما يكون سعر تنفيذ العقد هو ذاته سعر الدخول أو أقل منه، فلا يمكن تحقيق أيّ أرباح. ففي أسواق عقود الخيارات، تُستخدم مصطلحات: “في النقد (ITM)” و”خارج النقد (OTM)” لوصف السبب الجوهريّ لاستخدام عقود الخيارات:
وبالتالي، فإنه في عقود الخيارات المسمّاة “في النقد” (ITM) يكون سعر تنفيذ العقد متوافقاً مع الاتجاه الحالي للسوق، ما يعني إمكانية توفيرها مكاسبَ عند تنفيذها؛ بينما تتسم عقود “خارج النقد” (OTM) بسعر تنفيذ غير مُواتٍ، ما يجعلها غير موفرة للأرباح عند تنفيذها. يمكن استخدام مشتقات العقود الآجلة وعقود الخيارات للمضاربة على تحركات السوق المستقبلية في اتجاه معين، وكلتاهما تُعَد أيضاً أداةً استثماريةً لإيقاف نزيف الخسائر والتحوّط من تقلبات الأسعار غير المتوقعة، كما يمكن شراء أو بيع أيّ من نوعيتي العقود هاتين في السوق المفتوحة بعد إبرامها، لكنَّ عقود الخيارات ونظيرَتها الآجلة لا تخلو من أوجه اختلافٍ عديدة. عند المفاضلة بين تداول العقود الآجلة وعقود الخيارات، ينبغي استيعاب أغراض وتعقيدات كلٍّ منهما؛ فكلاهما يمكن استخدامه ضمن إستراتيجيتكم الاستثمارية للحدّ من المخاطر أو الاستفادة من تقلبات السوق، لكنّهما مُصمّمان للعب أدوار مختلفة، حيث يعتمد الاختيار بين عقود الخيارات ونظيرتها الآجلة -والحاجة إلى استخدام أيّ منهما- كثيراً على أهدافكم الاستثمارية المحددة ومستوى تحمّلكم للمخاطر وقدرتكم على إجراء تحليلٍ مفصلٍ للأسواق، ففي حال عدم امتلاك الخبرة أو الموارد اللازمة، فقد تكون أدوات الاستثمار التقليدية أكثرَ ملاءمةً لكم. نقاط موجزة
ما هي العقود الآجلة وما هي آلية عملها؟
مثال على تداول العقود الآجلة
مَن المستفيد من العقود الآجلة ؟
ما هي العقود الآجلة للأسهم؟
ما هي عقود الخيارات وكيف تعمل؟
مثال على تداول عقود الخيارات
أوجه الاختلاف الرئيسية بين العقود الآجلة وعقود الخيارات
مقارنة توضّح أبرز نقاط الاختلاف بين العقود الآجلة وعقود الخيارات
وجه المقارنة
العقود الآجلة
عقود الخيارات
مدى التعقيد
يسهل فهم جوانبها نسبياً.
تحليل سعر عقد الخيارات وفهم مخاطره أصعبُ نسبياً.
الالتزام
المالك مُلزمٌ بالشراء أو البيع بسعر معينٍ بحلول تاريخ معين.
للمالك حق الشراء أو البيع بسعر محدد بحلول تاريخ مستقبلي.
التكلفة
يودّع المستثمرون نسبةً هامشيةً من قيمة الصفقة لإبرام العقد الآجل.
يدفع المستثمرون علاوةً لفتح عقد الخيارات.
الخسائر المحتملة
يمكن للمستثمر أن يخسرَ أكثر من الهامش المحدّد بكثير وقت التنفيذ.
يُمكن أن يخسرَ فقط القيمة المدفوعة لفتح العقد.
أوجه الاستخدام
غالباً ما تُستخدم لضمان سعرٍ يمكن توقعه بحلول تاريخ مستقبلي.
تستخدم -في الأغلب- لجني الأرباح تلقائياً أو إيقاف الخسائر.
القيمة
غالباً ما تعتمد القيمة النهائية للعقد على تغيرات سعر الأصل.
تعتمد القيمة النهائية على الوقت المتبقي قبل تاريخ انتهاء صلاحية العقد.
السيولة والتقلبات
تتمتع بالسيولة والاستقرار النسبي.
تتسم بالتقلبات وشحّ السيولة.
ملخص ختامي: أيهما الأنسب لكم؟
الأسئلة الشائعة
هل تداول العقود الآجلة أفضل من تداول عقود الخيارات؟
ما هي أوجه الاختلاف الرئيسية بين عقود الخيارات والعقود الآجلة؟
ما الفرق بين عقود الخيارات والعقود الآجلة عند التداول لاستغلال تقلبات الأسعار؟
ما هي إيجابيات العقود الآجلة؟